روح الإنسان الجزء الأول
 

  الشبكة العالمية موقع الإشراق

 

Home المدخل
Up فوق
روح الإنسان الجزء الأول
روح الإنسان الجزء الثاني
روح الإنسان الجزء الثالث
روح الإنسان الجزء الرابع

اشترك في مجلة الإشراق

انتساب
إلغاء الانتساب

صمم هذا الموقع

الكائن البشري

إن الكائن البشر هو أكثر المخلوقات تطوراً على الكرة الأرضية، فقد ميزه الله عن غيره من المخلوقات في المقدرة على الإدراك. ولكن ذلك لا يدل على أنه لا يوجد كائنات متطورة أكثر منه. نحن لا نستطيع أن ندرك تلك المخلوقات الأكثر تطوراً، مثل الملائكة والجن وغيرها من المخلوقات النورانية أو ربما المخلوقات غير النورانية أيضاً. يتكوّن الجهاز العصبي البشري من عنصر التراب، وهذا مثبت في جميع العلوم الدينية، لم يتوصل العلم من تحديد هذا المفهوم التكويني للجهاز العصبي إذ أن العلم لا يقبل بمبدأ العناصر الخمسة للمادة. وبما أن الجهاز العصبي البشري مكوّن من التراب، والتراب هو العنصر الأكثر ثقلاً من العناصر الخمس، من المنطقي أن يكون هناك مخلوقات بجهاز عصبي من غير العنصر الترابي، قد يكون أي من العناصر الأربعة الأخرى. لقد ورد في بعض الديانات أحاديث عن مخلوقات لها جهاز عصبي من العنصر الناري وغيرها. وهذا ما يأشر إلى أن الحياة المادية سوف تستمر في التطوّر تماشياً مع تطور الروح، وقد يكون هناك مخلوقات متطورة أكثر من الإنسان كي تسمح لاستمرار التطور الروحي ولظهور الطاقة الإلهية بشكلها الكامل من خلال المادة التي يخلقها.

الروح في الحياة البشرية

يتميز الإنسان عن باقي المخلوقات أنه يمتلك المقدرة على الإدراك، إن ميزة الإدراك عند الإنسان هي التي تجعله يتمتع بمقدرة الخيار، فالإنسان هو الكائن الوحيد الذي يتمتع بمقدرة على الاختيار والتقرير، علماً أنه لا يملك هذه المقدرة بشكل مطلق. إن السؤال فيما إذا كان الإنسان مخيّراً أو مسيّراً، لا يستطيع أن يجد إجابة واحدة، فالإنسان مخيّراً بقدر ما هو مدركاً للطاقة الكاملة لوعيه الصافي. إن عدم إدراك الإنسان لوعيه الصافي بشكل كامل، لا يجعله مخيّراً بشكل كامل، فهو مخيّرٌ فقط بنسبة إدراكه لوعيه الصافي الكامن في داخله. إن هذه الميزة عند الإنسان تجعله قادراً على أن يصل بالروح إلى أعلى مراتب الاختبار المادي، ويحقق الإنسان بذلك غاية الله الكاملة في الظهور.

عندما يعلم الإنسان أن وجوده من أجل تحقيق رغبة الله في الوصول إلى ظهور الطاقة الإلهية بكاملها في حقل المادة، يصبح هدفه الأول في الحياة، العمل على تحقيق غاية الله. تتحقق غاية الله عندما تستطيع الطاقة الإلهية أن تخرج من الحقل المطلق غير المحدود إلى الحقل النسبي المادي بشكلها الكامل، كي تختبر المادة بشكل مباشر دون أي معيقات مادية أو معيقات جسدية أخرى. لقد أظهرت الدراسات العلمية أن الطاقة الكونية غير المحدودة هي موجودة في داخل كل ذرة من ذرات الكون، وبالتالي هي موجودة في كل عنصر من عناصر الكون. وهكذا هي موجودة في داخل كل إنسان. وقد حدد العلم موقع الطاقة غير المحدودة في الحقل المطلق في داخلنا في نطاق وعينا غير المحدود الذي تسميه العلوم الفيدية بالوعي الصافي. لذلك على كل إنسان أن يزيل كل المعيقات التي تحجب الطاقة الإلهية غير المحدودة عن الاتصال المباشر بالحقل المادي.

طريق الظهور

من أجل أن نعرف كيفية ظهور الطاقة الإلهية من الحقل غير المحدود في داخلنا وصولاً إلى الحقل النسبي، علينا أن نعرف المسلك أو الطريق الذي سوف تسير به هذه الطاقة الكونية.

يتكون الإنسان من عدة مستويات منها ما هو غير ظاهر مثل الروح والنفس، ومنها ما هو غير مادي مثل الإدراك والعقل والمشاعر والمنطق والفكر ومنها ما هو مادي مثل الحواس الخمس والدماغ والجسم. يبدأ الوجود الفردي من الروح الفردية المتصلة بالروح الإلهية، أي الطاقة الإلهية المراد كشفها. إن الروح الفردية لها صفات الروح الإلهية وهي تبقى منزّهة عن أي دنس، إذ أن طبيعتها مطلقة لا تتأثر بأي شيء، وقد وردت هذه الصفات للروح في العديد من المراجع الدينية التي تصفها بأنها خالدة ومطلقة ولا تتأثر بأي عوامل مادية، فالنار لا تحرقها والماء لا تبللها والهواء لا يجففها الخ. وبسبب طبيعة الروح المطلقة، فهي مغلفة بالنفس التي بها تتصل بالحقل المادي. إن للنفس وجهتين، وجهة مطلقة وصافية وبها تتصل بالروح، ووجهة نسبية تتصل بالعقل الكلي للفرد أي الوعي. إن اتصال النفس بالعقل الفردي يجعلها عرضة لما قد يجلب لها العقل من تأثيرات خارجية. إن العقل الفردي هو الذي يقود الجسم، ونتيجة لخطية العقل الموروثة منذ البدء من العقل الكلي للكون، لا يستطيع العقل الفردي أن يحتوي طاقة الروح ومعها النفس، فيعتقد أنه هو صاحب المرجعية في كل ما يقوم به من خلال الجسم. وبهذه الخطيئة للعقل يمنع النفس من الإطلال على الحقل النسبي إلا بما تسمح به محدودات العقل.

الخطيئة في النفس

العقل هو الذي يحرّك الأنا الفردية والمشاعر والغريزة والمنطق والذهن وتحسس الحواس والجسم كله. إن أي خطيئة تقوم بها أي من هذه الوظائف الإنسانية يتلقاها العقل ويتأثر بها، ويعكس تأثيره على النفس فيلوثها بالخطيئة. وهكذا تتراكم الخطايا على النفس نتيجة لما يقوم به الإنسان من أعمال. ومع وجود الخطايا في النفس فهي لا تستطيع أن تهمد في الروح، فتبقى متصلة بها ولكن وجهتها الظاهرة المتأثرة بخطايا الإنسان تبقى نافرة خارج إطار الروح لحين يستطيع الإنسان أن يزيل كل خطيئة من نفسه. وبسبب عدم مقدرة النفس على التخلص من الحقل النسبي والعودة إلى الهمود في الروح، تبقى الروح الفردية أسيرة ومقيدة في الوجود المادي.


Home المدخل Up فوق Next التالي