التكوين - الجزء الأول
 

  الشبكة العالمية موقع الإشراق

 

Home المدخل
Up فوق
التكوين - الجزء الأول
التكوين - الجزء الثاني
التكوين - الجزء الثالث
التكوين - الجزء الرابع

اشترك في مجلة الإشراق

انتساب
إلغاء الانتساب

صمم هذا الموقع

النبضة الأولى

 

إن الطبيعة الإلهية هي الظهور وعدم الظهور، فالله هو غير ظاهر ويظهر في خليقته كتعددية لا محدودة. يبدأ في الظهور ويتمدد ومن ثم يتقلص ويختفي ويعود غير ظاهر. هذا هو المجال الإلهي، من غير الظاهر إلى غير الظاهر مروراً بكل الظواهر. 

تشبّه عملية الخلق والفناء بحلقة مستديرة، نقطة البداية هي بذاتها نقطة النهاية. في بدء الخلق هناك مراحل للتفتح، وهذه المراحل تشرح عملية ظهور الله في مادة كثيفة حيّة.

قبل البدء كان الفناء، الفراغ المطلق بلا حدود، حالة من الهمود التام، والسكون التام، التي كان فيها الوعي غير واعٍ وغير متفتّح. ومن ثم الحركة الأولى. ماذا يحتاج السكون التام كي يحرك؟ ماذا يحتاج الوعي كي يصبح واعياً؟ إنه لا يحتاج سوى لنبرة واحدة خفيفة لطيفة. ولنعتبر أن هذه النبرة هي أول نبرة صوتية في حروف الأبجدية؛ " أ "، وهذه النبرة تستمر لتكون " آ "، والاستمرار لا يمكن أن يكون إلى ما لا نهاية، عليه أن يتوقف ويعود ساكناً بحرف آخر فيه السكون، تماما كما أنزل الله أول نبرة صوتية على النبي محمد في أول سورة أنزلت علية في سورة العلق إذ تبدأ بكلمة "اقرأ" فالحرف "ا" في اقرأ يعبر تماماً عن انطلاق الصوت من السكون، ويأتي حرف "ق" الساكن كي يوقف استمرار السكون، بذلك يكون الله الواحد الأحد قد أظهر النواحي الثلاثية للوجود وهي الذات والفعل والصفة. بانطلاق حرف "ا" ظهرت الذات، باستمراريتها كان الفعل وبتوقفها تحدد الشكل الأول وأعطاها الصفة. وبذلك يكون قد تم التفتح الأول في الوجود؛ الانطلاق والاستمرار والعودة، وحول هذا التفتح الثلاثي الأبعاد تتمحور كل الخليقة الظاهرة وغير الظاهرة.

تفتّح الوعي

فلنبسط هذه العملية، عندما يكون الوعي غير واعٍ، يكون حقلاً غير ظاهر، وبالتالي كياناً واحداً وحيداً ساكناً. وفي أول مرحلة من مراحل التفتّح، يصبح الوعي واعياً، وكونه وحيداً، لا يمكن إلا أن يصبح الوعي واعياً على ذاته. عندما كان الوعي غير واعٍ كانت الأحادية، وعندما أصبح الوعي واعياً ظهرت التعدّدية، والتعددية تبدأ بتحوّل الأحادية إلى ثلاثية الفاعل والفعل والمفعول به، الوعي هو الفاعل، وواعياً هو الفعل، وذاته هو المفعول به. هنا نرى أن الأحادية قد أصبحت ثلاثية، لكن أين الثنائية؟ إذا تعمقنا في الجملة التالية؛ الوعي واعياً على ذاته، نجد أن الوعي وذاته هما واحد، الفاعل والمفعول به هما واحد، وعندما لا يكون هناك أي تمييز بين الوعي وذاته، يكون الفعل غير فعّالاً. إلا أنه على الفعل أن يكون حاضراً في الفاعل لكي يصبح فعّالاً، لذلك الفعل هو ملازم للفاعل، على الفاعل أن تتضمن في داخلة المقدرة على الفعل كي يصبح فاعلاً، عندما يكون الفعل فعّالاً تكون تعددية الوجود، وعندما يكون الفعل غير فعّال تكون الأحادية.

الذكاء الخلاق

الفاعل هو الوعي، والفعل هو ذكاء الوعي، وهكذا نقول عندما يكون الوعي واعياً، يصبح الذكاء ذكياً، وهكذا تبدأ عملية الخلق، فيصبح الذكاء خلاقاً. لنصغ الجملة مرة أخرى؛ يصبح الذكاء خلاقاً عندما يكون الوعي واعياً. والوجود كله هو تفاعل الوعي والذكاء معاً. وهكذا وعندما يكون الذكاء غير فعّال، تكون الثنائية في الأحادية. وعندما يكون الذكاء غير فعّال فلا يستطيع أن يميّز بين الوعي وذاته، فيكون الوعي والذكاء وذاته واحداً، وهكذا أيضاً تكون الثلاثية في الأحادية، وبما أن الثلاثية هي الوجود كله، يبقى الوجود كله وبشكل ثابت ودائم وأبدي ضمن نطاق الأحادية. لذلك نستطيع القول: في الأحادية توجد الثنائية دوماً، ومن الأحادية تنبع الثلاثية باستمرار واستمرار.


Home المدخل Up فوق Next التالي