حلقات
الحياة
إن كل ما تقدم هو صورة مفصلة لعملية
الظهور، ولكن الظهور لا يشكل سوى مرحلة بداية الحياة المادية، فبعد عملية
الظهور يدور دولاب الزمن لمليارات السنين، ويحتوي هذا الكون على الكثير من
المجرات والحلقات الكونية الكبير والأكبر والأكبر إلى ما لا يمكن تحديده،
وكل حلقة من الحلقات؛ من الذرة وصولاً إلى أكبر حلقات الكون، كلها لها
بداية ولها نهاية. وكلما كانت الحلقة أصغر كلما كانت حياتها أقصر، وللأرض
حياة كما للشمس حياة وللمجرات حياة، وكل ما ولد سوف يموت وسوف تكون هناك
ولادات جديدة وموت جديد، إلى انقضاء الدهر. ولكن ما هو مسار الروح بعد
عملية الظهور.
تطور
الروح الفردية
بعد عملية الظهور وعندما تبدأ الروح
الكونية في التغلغل في تعددية الوجود، يكون الوجود في مراحل التفتح، يشبه
ذلك بالمولود الجديد الذي يحتاج إلى المتسع من الوقت كي يتعلم. وفي كل سنة
عندما يدخل الولد إلى المدرسة، وعندما ينجح في الصف الأولى يترقى إلى الصف
الثاني، أما إذا رسب فيعيد صفه مرة أخرى إلى أن ينجح ويرتقى إلى الصف
الأعلى. وهكذا تتقدم حياة الإنسان بالسرعة التي يستطيع فيها أن يتعلم
الحياة، عندما ينجح يتقدم وعندما يرسب يبقى مكانه وإذا كان كسولاً جداً،
يترك المدرسة ويضيع في الأعمال ذو المرتبة المتدنية. هذا الأسلوب في التقدم
هو الأسلوب المقبول في حياة الفرد المادية. ويمثل ذلك الأسلوب قانوناً
أساسياً في قوانين الطبيعة. تظهر الدراسات العلمية أن وجود الإنسان على
الكرة الأرضية، كان بعد وجود مخلوقات أخرى ظهرت قبله وربما تكون قد انقرضت
الآن. وهذا التأكيد العلمي لظهور الإنسان بعد وجود المخلوقات الحية، توافق
عليه الديانات أيضاً. ويعود ذلك إلى تركيبة الجهاز العصبي البشري المتطور
والذي يحتاج إلى روح متطورة كي تحل فيه. ومن أجل أن تتطور الروح الفردية
عليها أن تختبر الحياة المادية، وتجمع الاختبارات في كل مراحل وجودها
المادي.
المياه قبل اليابسة
كما رأينا أن تطور الروح تتم من خلال
الخبرة التي تكسبها في ظهورها المادي. ومع تطوّر الروح يصبح الذكاء الكوني
ذكياً، ما يؤدي إلى إيجاد مخلوقات متطوّرة تنسجم مع التطور الروحي، وتكون
أجساد هذه المخلوقات المقام الذي تستحقه الروح. تظهر الدراسات العلمية أن
الحياة على الكرة الأرضية قد بدأت في الماء، هناك الكثير من الروايات التي
تشير إلى أن المياه كانت تغطي اليابسة كلها. وفي الماء ابتدأت الحياة
بالفطريات والأعشاب البحرية، فكانت هذه الأعشاب المقام المناسب للأرواح
البدائية، ومن ثم تطوّرت هذه الأرواح وأخذت أشكال أكثر تعقيداً من
المخلوقات مثل الطحالب وغيرها من النباتات البحرية ومع التطور المستمر
للروح وجدت الحشرات البحرية الصغيرة واستمر تطوّر الروح وفي كل تطور كانت
تأخذ شكلاً متطوراّ من أشكال الوجود إلى أن ظهرت مختلف أنواع المخلوقات
الحية البحرية المتعددة والمتنوعة، ومع استمرار التطور بشكل دائم بدأت
اليابسة بالظهور، ومع ظهور اليابسة ظهرت مخلوقات جديدة منها المخلوقات
البرمائية، وأيضاً استمرت الروح في التطور بهذه المخلوقات إلى أن ظهرت
المخلوقات البرية والطيور وآخرها في التطور ظهر الإنسان. إن ما نذكره هنا
في هذه الأسطر القليلة يتطلب ملايين لا بل مليارات السنين من التطوّر. لكن
الزمن من المنظور الإلهي يختلف تماماً عن ما نشعر به نحن البشر، فتحقيق
الغاية عند من لا يحده الزمن هو أمر يتحقق في حينه دوماً. إن كل هذا هو فقط
لتمجيد الله في المادة التي يخلقها. يقول العالم صاحب السمو مهاريشي ماهش
يوغي أن الوجود هو تجلي وإظهار الله. |