الروح الفردية الجزء الثاني
 

  الشبكة العالمية موقع الإشراق

 

Home المدخل
Up فوق
الروح الفردية - الجزء الأول
الروح الفردية الجزء الثاني
الروح الفردية الجزء الثالث
الروح الفردية الجزء الرابع

اشترك في مجلة الإشراق

انتساب
إلغاء الانتساب

صمم هذا الموقع

الجنة وجهنم

إن مفهوم الجنة وجهنم في العلوم الدينية هو مثل اعتماد مبدأ الترغيب والترهيب، في الترغيب تصف الديانات الجنة بالفردوس الممتلئ بكل مسببات السعادة والملذات والفرح الدائم، في حين أن جهنم فيها كل العذاب الأبدي. وبالرغم من وجود تلميحات عن الدور الإلهي في محاسبة النفس وإعطائها ما تستحق، ولكن مفهوم مصير الروح، من أين أتت وإلى أين تذهب، يبقى غامضاً في غالبية الديانات الحديثة والقديمة. في الديانات الحديثة: اليهودية والمسيحية والإسلام، تؤمن وبغالبية مذاهبها بيوم الحساب، أما الديانات القديمة فهي تؤمن بغالبيتها بتكرار تجسد الروح. ومن أجل أن نكوّن مفهوماً واضحاً يمكننا أن نقبله منطقياً ويمكننا أن نتوافق به مع جميع المفاهيم الدينية التي تعنى بأمور الروح الفردية، فلنلقي نظرة على المفاهيم المختلفة.

التقمص في الإسلام

في الديانة الإسلامية، هناك الحساب الفردي الذي يتم فيه محاسبة النفس بعد الوفاة، وهناك أيضاً ويوم القيام الذي فيه تتم محاسبة جميع البشر. إن غالبية المذاهب والشيع الإسلامية لا تقر بشكل واضح في موضوع عودة تجسد الروح بعد الموت، إلا أنها لا تنفي ذلك بل تعتبر أن هذا الأمر هو من شأن الله، عند الموت يسلم الإنسان روحه إلى ربه والله يحاسب كل نفس على ما فعلت، وعليه يتصرف الله بالروح حسب استحقاقها. أما في يوم القيامة يؤمن الإسلام بهذا اليوم الأخير وفيه يعيد الله كل الأموات إلى الحياة من أجل الحساب الأخير. وبالرغم من أن الآية 27 من سورة البقرة التي تقول: " كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون" إلا أن غالبية المذاهب الإسلامية لا تقر بمبدأ تجسد الروح بعد الموت. عندما نقول غالبية المذاهب الإسلامية نعني بذلك أن هناك بعض المذاهب الإسلامية التي تؤمن بمبدأ تجسد الروح، أي ما يعرف بالتقمص أو التناسخ. لقد أحصت بعض المراجع الدينية أن المذاهب والشيع الإسلامية هي 78 مذهباً مختلفاً منها ما يتبع للمذهبين الرئيسيين السنة والشيعة، ومنها من لا يتبع لهما لا من قريب ولا من بعيد. هناك عدد من المذاهب الإسلامية التي تؤمن بالتقمص. كلمة تقمص هي مشتقة من فعل قمص أي تستر بشيء أظهر نفسه به. منها كلمة قميص وهو الرداء الذي يلبسه الإنسان. وكما يلبس الإنسان قميصه كل يوم ويبدله كلما اتسخ، كذلك تبدل الروح جسدها كلما تلف ومات.

في التقمص هناك عدة مفاهيم وعدة معتقدات، منها من يؤمن بأن الإنسان يعود ويتقمص بإنسان آخر، ومنهم من يؤمن بأن روح الرجل تعود بجسد رجل وروح المرأة تعود بجسد امرأة، ويكون ذلك لسبعة أجيال أي سبع ولادات، من بعدها وطبقاً لمرتبة النفس، إما أن تأخذ الروح سبعة أجيال جديدة، وهنا يمكن للروح أن تتبدل من جنس إلى آخر، إما أن تذهب إلى مقام الله وتتوحد به. هناك أيضاً من الشيع الإسلامية من يؤمن بأن روح الإنسان قد تترقى إلى مستوى أرقى من الإنسان إلى المخلوقات النورانية، أو قد تتابع ولادتها في جسد إنسان، أو قد تتراجع وتتجسد بحيوان أو بمخلوق آخر قد يكون في مرتبة أقل من مرتبة الإنسان، وتستمر الروح في إعادة التقمص إلى أن تصل إلى الطهور التام كي تتوحد بالطاقة الإلهية.

التقمص في المسيحية

في المسيحية أيضاً هناك عدد من المذاهب والشيع يفوق عددها 375 مذهباً مختلفاً، تنقسم المسيحية إلى ثلاثة فئات رئيسية وهي الكاثوليك والأرثوذكس والبروتستانت، ولكن أكبرها هي المذاهب الكاثوليكية التابعة للفاتيكان. في المذاهب المسيحية أيضاً من يؤمن بتجسد الروح بعد الموت، لا بل يعتقدون أنه كما تجسد إيليا بيوحنا المعمدان، وهذا وارد في الإنجيل، كذلك تتجسد الروح بالجسد من جيل بعد جيل. ويؤمن هؤلاء أن الله هو الذي يقرر ما تستحق الروح أن يحل بها، أما إذا كانت الروحة والنفس خالية من أية خطيئة، يدخلها الله في الملكوت السماوي. لا يوجد في الأناجيل المسيحية ما ينفي تجسد الروح بعد الموت، لا بل هناك دلالات أكثر من الإسلام حول إمكانية تجسد الروح. في المعتقد المسيحي إن السيد المسيح هو بحد ذاته تجسد للروح الإلهية للقيام بدور المعلم الذي يرشد البشرية على الطريق الصحيح. لكن المسيحية وبشكل عام تؤمن بالقيامة، أي قيامة الأموات من أجل الدينونة، وهي تؤمن أيضاً مثل الإسلام باليوم الأخير، ولكن المسيحية تقول بأن القيامة هي قيامة الروح بجسدٍ ممجد غير الجسد الحالي. لقد ورد في الديانة المسيحية في رسالة بولس الأولى إلى مؤمني كورونتوس في الفصل 15 تحت عنوان قيامة الأجساد: "ولكن أحدا قد يقول: كيف يقام الأموات؟ وبأي جسم يعودون؟» يا غافل! إن ما تزرعه لا يحيا إلا بعد أن يموت. وما تزرعه ليس هو الجسم الذي سيطلع، بل مجرّد حبة من الحنطة مثلا أو غيرها من البزور. ثم يعطيها الله الجسم الذي يريد، كما يعطي كل نوع من البزور جسمه الخاص. وليس للأجساد كلها شكل واحد بل للناس جسد وللحيوانات جسد آخر وللسمك آخر وللطير آخر. ثم إن هناك أجساماً سماويةً وأجساماً أرضيةً. ولكن الأجسام السماوية لها بهاء، والأرضية لها بهاء مختلف. فالشمس لها بهاء، والقمر له بهاء آخر، والنجوم لها بهاء مختلف، لأن كل نجم يختلف عن الآخر ببهائه." بالرغم من أن ما يقوله الرسول بولس هو كلام واضح على أنه نتيجة لما قام به الإنسان في حياته، وبعد موت الجسم، يعطيه الله جسماً آخر يستحقه نتيجة لأعماله، إلا أن المسيحيين بغالبيتهم لا يؤمنون بمبدأ إعادة تجسد روح الإنسان بكائن حي أخر. يؤمن غالبية المسيحيون أنه بعد الموت تواجه الروح ثلاثة مسارات وهي: الجنة والمطهر وجهنم. الجنة هي للنفس الطاهرة، وجهنم للنفس الخاطئة بالأخطاء المميتة، أما المطهر فهو للنفس التي قامت بأخطاء غير مميتة، إلا أن تحديد مميزات كل من النفس الطاهرة أو النفس الخاطئة بأخطاء مميتة أو النفس الخاطئة بأخطاء غير مميتة ليس واضحاً، لهذا السبب يفقد المسيحيون الصورة الواضحة عن مسار الروح بعد الموت سوى التسليم بمشيئة الله.

 

Back السابق Home المدخل Up فوق Next التالي