الزمن من المنظار العلمي
تشرح علوم الفيزياء أن ظهور المادة قد ابتدأ مع
تفاعل الحقول الرئيسية للطاقة وأولها في التتابع الوجودي، الجاذبية ومن ثم التفاعل
القوي ويلي ذلك التفاعل الضعيف وصولاً إلى حقل الكهرومغناطيسي، ومن ثم ظهر الكون
وانتشر. تشرح الفيزياء أن حقل الجاذبية هو الذي يحدد الزمان والمكان. عندما ينجذب
عنصر ما بعنصر آخر، يتجه إليه ويلتصق به. مع بداية حركة العنصر الأول وتوجهه إلى
العنصر الآخر، تبدأ حركة الزمن من نقطة الانطلاق إلى نقطة الوصول. ويتلازم المكان
مع الزمان، وكما ابتدأت حركة الزمان من نقطة الانطلاق إلى نقطة الوصول، كذلك تحدد
مكان العنصر الأول ومكان العنصر الأخر، ونقل العنصر الأول مكانه إلى المكان الموجود
فيه العنصر الآخر. وهكذا كما ظهر الزمان مع الحركة الأولى في الكون، ظهر المكان
أيضاً. يشبه حقل الجاذبية بخشبة المسرح الكوني التي عليه تلعب الرواية الكونية، ومع
تحليلنا لكيفية تقديم العمل المسرحي نرى ذلك متشابهاً لكيفية ظهور الكون. في
المسرحية، تأتي الفكرة لشخص ما، ويكتب منها الرواية ويدخل في تفاصيل السيناريو،
ويدخل بتحديد الأدوار، ويحدد شخصية الممثلين، ويرسم تصاميم وديكور المسرح. كل ذلك
يبدأ بفكرة ومن ثم تتجسد هذه الفكرة بالمسرحية، تبدأ المسرحية وتنتهي كلها بفكرة
مؤلفها. إذا أردنا أن نقيس زمن المسرحية في فكرة المؤلف لكانت النتيجة برهة من
الزمن كلمحة البصر. أما إذا أردنا أن نقيس زمن المسرحية في ظهورها على المسرح، هنا
نقيسها بالمدة التي شاهدناها فيها. أما إذا سمعنا تفاصيل المسرحية من شخص رواها
لنا، فيكون مقياس زمن المسرحية بالمدة التي أصغينا فيها للراوي. وهكذا نفهم أهمية
مقياس الزمن. يبقى السؤال: على أي مقياس علينا أن نقيس زمن الحركة الأولى في الكون؟
لقد حددت علوم الفيزياء بعض المقاييس من أجل احتساب عملية ظهور الكون. إلا أن ذلك
لا يفيدنا بشيء، فنحن لا نستطيع تحسس الزمن إلا بالمدة التي بها نفهم عملية الظهور.
لا نستطيع أن نتحسس الزمن الحقيقي إلى إذا نظرنا من منظار من أظهر الوجود. إن
الفاعل فقط هو الذي يدرك زمن ما قام به تماشياً مع المقياس الذي يشاء. لذلك أن
عملية تحديد بداية الزمن ليست بالعملية البسيطة، إذ أن لها العديد من الاعتبارات.
الزمن من منظار علم الفيدا
يشرح علم الفيدا أن الوجود المادي يتفاعل بدينامكية لا متناهية، كما تدور
الالكترونات حول نواة الذرة كذلك تدور الكواكب حول الشمس، وربما تكون الذرة بحد
ذاتها، مجسم يشبه مجرة كبيرة بشمسها وكواكبها. والمسافات فيما بين الالكترونات
والنواة في الذرة، هي أيضاً متطابقة نسبياً مع المسافات فيما بين الشمس والكواكب
التي تدور حولها. وكل الأجسام ما بين الذرة والمجرة لها أيضاً حلقات متداخلة في
الدوران حول محور معين. في الطبيعة توجد دورة الفصول، وكل التغيرات التي تأتي نتيجة
لها. كذلك في الإنسان هناك عدة دورات متداخلة في جسمه، من أبسط ما نعرفه هي الدورة
الدموية في الجسم. ولكل دورة مدة تختلف عن مدة الدورة الأخرى في جسم آخر. مثال على
ذلك أن دوران المريخ حول الشمس يحتاج إلى 669 يوماً مريخياً واليوم المريخي، أي
حدوث النهار والليل، هو يزيد عن 24 ساعة أرضية بقليل، وهذا يعني أن السنة المريخية
هي تقارب ضعف السنة الأرضية طبقاً لمعيار الزمن الأرضي. وذلك ينطبق على كواكب
الأخرى في المجرة الشمسية. وكما يختلف الزمن بين كوكب وآخر هكذا تختلف الأزمنة بين
مجرة وأخرى.
نظراً لعدم استقرار المقياس الزمني على شيء ثابت يتم اعتماده بشكل كوني نظر علماء
الفيدا بتحديد الزمن الكوني إلى من كان قبل الخليقة، إلى من خلقها. تقول الحكمة
الفيدية أن الكائن الأزلي عندما يخلق يلعب دور براهما. وبراهما تعني الخالق، وتقول
الفيدا أيضاً أن دوام الخليقة التي نعيش فيها، يساوي نهار واحد في يوم براهما
وزوالها يساوي ليل واحد في يوم براهما. كما يقسم نهار الإنسان إلى اثني عشر ساعة،
يقسم نهار برهما إلى ألف وحدة زمنية تسمى "مهايوكا"، و كل وحدة زمنية تتألف من 12
ألف سنة كونية، وكل سنة كونية تساوي 360 سنة أرضية. |