ظهور قوة العقل الغريزي
وبعد ظهور الأنا، وبعدما أدرك الوعي أنه واعياً على ذاته، ومميّزاً ذاته عن
الوعي الكلي، أصبح قادراً على التعرف على كل
ما حوله، وبالتالي أصبح قادراً على التفاعل مع كل
ما حوله، وهكذا ظهر قوة
الغريزة العقلية، وتسمي علوم
الفيدا هذه القوة "مناس" إن العقل الغريزي للكون هو
المنظّم لكل
تفاعلات الخليقة. وكون العقل الغريزي هو المنظم لكل
شيء تنبع منه كل الصفات مع أضدادها، منها أنماط العقل وهي:
الصفاء والحماس والشك، وصفات الزمان وهي: الماضي
والحاضر والمستقبل، وصفات
المكان وهي: الأمام والوسط والمؤخرة، وغيرها من
صفات الوجود.
تفتح العقل الغريزي عند آدم
في الرواية الدينية بعد أن خالف آدم وحواء وصية الله غضب منهما وطردهما من
الفردوس، وقال لهما
عليكما أن تعملا لتحصيل معيشتكما. هذا القول لله يرمز
إلى العقل من كونه عقلاً كلياً مجرداً، قبل أن يأكل آدم من الشجرة، إلى
عقلاً مدركاً غرائزي، وبدفعٍ من العقل الغريزي أدرك آدم القانون الأول
للحياة: "عليكما
أن تعملا لتحصيل معيشتكما" وهكذا يكون العقل
الكلي قد تحول كي يصبح عقلاً غرائزي مدركاً لجميع قوانين الطبيعة.
طبيعة العقل الكلي
إن العقل الكلي هو أول ظهور للمطلق في الحقل المادي. وهكذا
فهو يعمل ضمن ثلاثية العمل. العقل الكلي هو عقل براهما، وعقل فيشنو وعقل
شيفا. وعلى مستوى الفرد للعقل الكلي ثلاثة صفات وهي
الصفاء والحماس والشك، وبطبيعته أعتقد العقل
أنه هو سيد كل شيء، وبدأ ينسج من ذاته أفكاره، وفقد مرجعيته في الوعي
المجرد، وكون العقل ليس كاملاً، من غير الممكن أن يعطي ما هو أكمل منه.
غلطة العقل أو الخطيئة الأصلية
وهنا نسأل السؤال المهم، لماذا حدث كل ذلك؟ لماذا أخطأ آدم وأكل من الشجرة
المحرّمة؟ على من تقع المسؤولية؟
حواء هي التي أغرت آدم كي يأكل من الشجرة، والحيّة هي التي دفعت حواء إلى
إغراء آدم، وما كان باستطاعة الحيّة أن تدفع حواء لولا وجود الشجرة
المحرّمة، وهذه الشجرة هي من عند الله، إذاً الوصية هي التي أحيت الخطيئة،
فبدّلت آدم وحواء من حالة الخلود إلى حالة الموت، هذه هي الخطيئة الأصلية.
والوصية هي من عند الله، وكل شيء قد نبع من عند الله، فهل الخطيئة هي من
صفات الله؟ من أجل الإجابة على هذا السؤال علينا أن ننظر مرة أخرى في
الطبيعة الإلهية، إن الطبيعة الإلهية هي طبيعة لا محدودة، غير ظاهرة وتشمل
كل الظواهر. عندما تكون غير ظاهرة يكون التوازن التام، والتناظر التام، هذا
هو الكمال الإلهي، الله هو كامل بشكل تام وبشكل أزلي، ولكن عملية الظهور
تتطلب أن يختل هذا التوازن، وأن ينكسر هذا التناظر، ولكن ومع اختلال
التوازن وانكسار التناظر يبقى الله كاملاً، لأن الخليقة الظاهرة هي ليست
نتيجة لتحول الله من حالة غير ظاهرة إلى حالة ظاهرة، بل هي انعكاس للمقدرة
الإلهية في المادة، الخليقة الظاهر هي صورة الله، والله يشمل الخليقة
الظاهرة وغير الظاهرة أيضاً، والخليقة الظاهرة هي الدنيا، أي التي هي على
المستوى المتدني من الوجود لأنها وجدت بسبب الخطيئة، والخطيئة هي غلطة
العقل الذي اعتقد أن باستطاعته أن يدرك كل شيء.
غلطة
العقل في العلم
هذه الخطيئة قد تم اكتشافها في العلوم الحديثة، وهي نظرية انكسار التناظر في علوم
الفيزياء، وقد أظهرت هذه النظرية أن سبب الوجود هو انكسار التناظر في الحقل الموحد.
ما هي نظرية انكسار التناظر؟ فلنأخذ مثلاً كرة صغير تامة التناظر، أي أن تكون
جهاتها كلها متساوية، ولنضعها على الأرض ونعطيها طاقة كي تدور حول نفسها، وبسبب
تناظرها التام، سوف تدور الكرة حول نفسها وعلى محورها دون حراك، بشكل دائم أبدي ما
دام فيها قوة الدوران. أما إذا كسرنا التناظر، أي أن نجعل ثقباً صغيراً في مكان ما
على الكرة، ونضعها على الأرض ونعطيها طاقة كي تدور حول نفسها، وبسبب هذا الثقب
الصغير، سوف تدور الكرة حول نفسها ولكنها لن تستطيع أن تدور على محورها بشكل ثابت،
بل ستوسع مجال محورها باستمرار، وسوف يتوسع مجال دورانها إلى ما لا نهاية، هكذا
وبنفس الطريقة وجد الوجود الذي يتمدّد إلى ما لا نهاية. هذا هو مسبب الخليقة، إنه
انكسار التناظر أي غلطة العقل أي الخطيئة الأصلية.
ظهور
المادة
وتتابع نظريات علم الفيزياء أن هذا التفاعل الديناميكي لعملية ظهور الوعي يستمر
ويزداد تسارعاً، ويستقر بخمس مستويات تصاعدية من التسارع، تظهر من خلالها العناصر
الرئيسة في المادة، ومستويات التسارع هذه، هي :
-
غرافيتون (المسئول عن قوة الجاذبية، والزمان والمكان).
-
غرافتينو (يظهر في محتوى نظرية التناظر الفائق).
-
حقول الطاقة.
-
حقول المادة.
-
حقول هيغس المسئول عن انكسار التناظر.
وبمستويات التسارع هذه تظهر عناصر المادة الرئيسية؛ الأثير في الغرافيتون، والهواء
في الغرافتينو، والنار في حقول الطاقة، والماء في حقول المادة، والتراب في حقول
انكسار التناظر. |