الهيكلية الإلهية الجزء الأول
 

  الشبكة العالمية موقع الإشراق

 

Home المدخل
Up فوق
الهيكلية الإلهية الجزء الأول
الهيكلية الإلهية الجزء الثاني
الهيكلية الإلهية الجزء الثالث

اشترك في مجلة الإشراق

انتساب
إلغاء الانتساب

صمم هذا الموقع

الأحادية والتعددية

لقد أسهبت العلوم الدينية المختلفة بما فيها الديانات القديمة التي كانت تقر بوجود التعددية الإلهية، في وصف النواحي المختلفة لله. في الديانات القديمة تم وصف الله بإظهار المقدرات الإلهية متجسدة بما أطلقوا عليه الآلهة. أما في الديانات التوحيدية، وبالرغم من أنها تـؤمن بأحادية الله، إلا أنها تعطيه صفات متعددة. يعطي الإسلام 99 اسماً لله، أسماء الله الحسنة، وفي المسيحية يؤمنون بالثالوث الإلهي، وفي الديانات البوذية والهندوسية والديانات الشرقية القديمة الأخرى يعطون الله ألف اسم. وهناك ترانيم تردد هذه الأسماء ويعتمدونها في صلواتهم وتأملاتهم الدينية. إلا أن الجميع يقر بأن الله هو على كل شيء قدير، فالله هو حقل لكل الإمكانيات.

إن هذا الوصف القائل بأن الله على كل شيء قدير، دون التعمق بديمومة الله، أو القول بأن الثالوث الإلهي في المسيحية هو سر من أسرار الله لا يفهمه الإنسان العادي، هو ليس سوى استسلام للمقدر الإلهية، وعجز الإنسان عن وصف الهيكلية الإلهية وعجزه عن كشف سر الثالوث الإلهي.

إن مبدأ التسليم الديني، هو من المبادئ الأساسية في العلاقة الدينية مع الله. وهذا المبدأ هو الذي يفتح الطريق أمام المؤمن للوصول إلى الحضرة الإلهية. إلا أن مبدأ التسليم بالأمور لم يعد مقبولاً في العصر العلمي الذي نحن فيه.

بداية العصر العلمي

يعتمد العصر العلمي على التحليل والإثبات. لقد نشأ العصر العلمي منذ حوالي خمسمائة سنة، عندما وقع الانهيار في إدارة الكنيسة الكاثوليكية، وما تبعه من انشقاقات وحركة مارتن لوثر، وغيرها. في ذلك الزمان، وجد الشعب المؤمن نفسه أمام صدمة وجدانية، فقد أحب بقلبه المعتقدات الدينية، لكن عقله رفض الواقع المرير، فبدأ الصراع بين العقل والقلب. وبما أن العقل هو الذي يطفوا فوق القلب في الحركة، لم يعد العقل عند الشعب، قادراً على الانسجام مع العاطفة القلبية. ولكن هذا الإنسان الذي تعوّد على العلاقة الدينية مع الله بقي وفياً لهذه العلاقة، وراح يبحث عن إثبات وجود الله خارج الكنيسة.

البحث عن الله من خارج الإيمان

كيف يبحث الإنسان عن الله؟ إن البحث عن الله لا بد أن يبدأ من موقع الإنسان آنذاك. والموقع له ارتباط بالمدى الذي توصل إليه العقل والإدراك البشري، فابتدأ البحث من حول الإنسان، من المادة التي يحيا فيها ومعها. وهنا بدأ البحث العلمي الموضوعي، وقد أعطي لهذا البحث صفة الموضوعية، كي يكون خالياً من أي تأثيرات فردية وذاتية لمعتقدات الباحث.

راح البحث العلمي يحلل في المادة كي يصل إلى مصدرها، للتحقق من المقولة الدينية بأن الله هو خالق لكل شيء، وفي تحليل المادة وتفاعلاتها نشأت العلوم المتنوعة منها العلوم النظرية والعلوم التطبيقية. وقد خطى الغرب في التطور العلمي أشواطاً كبيرة ما أعطاه المقدرة على التحكم ببعض مفاصل قوانين الطبيعة وسخرها لمصلحة الإنسان، وابتدأ العلم يقدم للبشرية منافع جمة، ما أضعف الرابط الديني في الغرب، مما أدى إلى تحول جوهري في إدارة المجتمع، فقد تم فصل ألإدارة الدينية عن إدارة المجتمع. لقد كان هذا الفصل مسبباً للخلاف بين العلم والدين، وأصبح المجتمع الغربي ينظر إلى الكنيسة وكأنها شيء من الفلكلور التراثي.

استطاع العصر العلمي أن يقود المجتمع الغربي، وتفوّق في اكتشافاته العلمية وقدم الكثير من الرفاهية للجنس البشري، هذا التفوق جعل العالم الغربي يقود البشرية، وقد استطاع العالم الغربي من نقل علومه إلى باقي شعوب العالم على اختلاف دياناتهم ومعتقداتهم وثقافاتهم وتعاليمهم الاجتماعية.

الخلاف العلمي مع الديانات

كما انتقل العلم الحديث إلى شعوب العالم على اختلاف دياناتهم ومذاهبهم، انتقل معه الخلاف بين العلم والدين، وجعل الناس في المجتمعات غير المسيحية يقعون في حيرة من أمرهم بين تعاليمهم الدينية والتعاليم العلمية الحديثة. وقد أدى هذا الوضع إلى إضعاف المجتمعات فهي مدعوة للحاق بالتطور العلمي السريع في حين أن ارتباطها بمعتقداتها الدينية لا يزال وثيقاً عكس ما كان الوضع عليه في الغرب. وهذا الاختلاف في العلاقة الدينية بين الشرق والغرب هو الذي جعل المجتمع التقليدي في الشرق معادياً للدخول الغربي في المجتمع الشرقي، إلا أن الغلبة كانت للتطور العلمي ما أدى إلى انتشار المفاهيم الغربية في مختلف أنحاء العالم، وقد ازداد هذا الانتشار بعد زوال الإتحاد السوفيَتي الذي كان حجر العثرة للتوسع الغربي في الشرق.


Home المدخل Up فوق Next التالي