تطور العلم الحديث
ومرت السنوات والسنوات وكانت المعرفة
الموضوعية في مراحل تطورها في حين بقيت المعرفة الذاتية في وضع من الشك.
وفي المراحل الأولى من تطور المعرفة الموضوعية أو ما يعرف بالعلوم
الكلاسيكية، وقع الخلاف بين العلم والدين، وراح العلماء يزيدون في تشكيكهم
بالمعرفة الدينية ما خلق نوع من العدائية بين العلم والدين. ومع تطور
المعرفة الموضوعية في مرحلتها الثانية كانت الاكتشافات تتسارع بشكل كبير ما
أدى إلى اكتشاف المفاهيم الكمية Quantum
فابتعد العلم بهدوء عن المعتقدات
الدينية، ولكن مع تطور الاكتشافات العلمية وصل العلم الحديث إلى اكتشاف
نظريات جديدة تنبئ بوجود طاقة لا محدودة تدفع الحياة إلى التقدم والتطور،
وأيضاً تنبئ بوجود ذكاء يعطي توجها ينظم تدفق هذه الطاقة. وهذه النظرية
سميت بنظرية الحقل الموحد والتي تطورت كي ينبثق عنها نظرية أخرى هامة عُرفت
بنظرية دستور الكون.
الحقل الموحد
لقد تم اكتشاف نظرية الحقل الموحد في
علوم فيزياء الكم، وقد برهنت هذه النظرية أن الكون كله قد انبثق من حقلٍ
واحدٍ موحد هو مصدر الطاقة والمادة والذكاء. منذ جوالي ثلاثين سنة كانت
علوم الفيزياء تقرّ بوجود أربعة حقول للطاقة، وهذه الحقول هي:

في العام 1967 ونتيجة لدراسات عميقة تم اكتشاف توحيد حقل
الكهرومغناطيسية مع حقل التفاعل الضعيف، وقد أطلق على هذا التوحيد أسم حقل
الكهرو-ضعيف. وبعد ذلك تم اكتشاف توحيد ثلاثة حقول، حقل الكهرومغناطيسية
وحقل التفاعل الضعيف وحقل التفاعل القوي، وقد سمي هذا الحقل بحقل الوحيد
الكبير، وفي العام 1974 تم اكتشاف توحيد الحقول الأربعة معاً وسمي توحيد
هذه الحقول بالحقل الموحّد.
بعد ذلك تكاثفت الدراسات والأبحاث حول الحقل الموحّد فتبين
أنه حقل لكل الإمكانيات، ومصدر لكل قوانين الطبيعة، منه نبعت المادة
والطاقة والذكاء. في العام 1983 استطاع العالم الفيزيائي الدكتور جون هكلن
من استخلاص عدة صفات للحقل الموحّد ومن أهم هذه الصفات هي: كل الإمكانات،
حرية، لا محدودية، اكتفاء ذاتي، غبطة، تكامل، منعة، اتزان تام، كلي اليقظة
في ذاته، طاقة كاملة للقانون الطبيعي، بساطة، غير ظاهر، منسق، ذاتي
المرجعية، ترابط غير متناهي، ديناميكية غير متناهية، سكون غير متناهي،
معرفة صافية، قوة تنظيمية غير متناهية، انتظام تام، إبداع غير متناهي،
منقي، تطوري، مغذي، خلود.
إذا تعمقنا في تحليل صفات الحقل الموحد
نجد أن هذه الصفات تتطابق مع صفات الوعي، وخاصة صفة ذاتي المرجعية، فالوعي
وحده هو ذاتي المرجعية، وهنا نصل إلى استنتاج أكيد أن الحقل الموحد هو
الوعي الصافي الكامن في داخل كل منا، وقوانين الطبيعة متواجدة في داخلنا
على مستوى وعينا الصافي.
|