هدف الحياة
إذا نظرنا إلى تاريخ البشرية وتعمقنا في المعتقدات
والثقافة والنتاج الفكري، لوجدنا أن هدف كل الحضارات القديمة والحديثة هو
من أجل الوصول إلى الاكتمال، والاكتمال يتطلب المعرفة، معرفة كل شيء في
الوجود، ومعرفة قوانين الطبيعة. ومن أجل تحقيق ذلك الهدف كان هناك العديد
من المحاولات وفي شتى الميادين، حتى أن الحروب كانت هي أيضاً من أجل تحقيق
نفس الهدف. ولكن البشرية ما تزال تبحث دون الوصول.
إلا أن البشرية قد تطورت في مفاهيمها، ففي الحضارات
القديمة كانت المعرفة الذاتية هي السائدة، وكان الوحي والإلهام والنبوات
والقداسة، فالمعرفة الذاتية هي التي تسمح للعارف أن يدرك قوانين الطبيعة
بواسطة تفتح وعيه الداخلي واختبار حالات من الصحوة، وقد دعي هؤلاء الأشخاص
بالأنبياء والرسل والرائين والقديسين ومولي العقل، وتجسد الله، وآية الله،
وغيرها من التسميات المشابهة.
هذه المعرفة الذاتية استمرت هي السائدة في جميع
الحضارات والديانات. إلا أنه وفي
القرن الخامس عشر حدث تحوّل كبير في أوروبا، وتحديداً في الديانة
المسيحية، وهذا الحدث نتج عن التدهور الذي وقع في الكنيسة المسيحية، ما أدى
إلى بروز حركة مارتن لوثر وانشقاق الكنيسة. إن هذا الأمر كان له التأثير
الكبير على العالم الغربي كله. وبما أن العالم الغربي هو الذي يقود العالم
كله منذ عدة قرون، فقد انتقل هذا التأثير إلى العالم الشرقي غير المسيحي.
إن ما حدث في أوروبا من أخطاء
في ممارسة المسؤولين في الكنيسة الغربية قد تسبب
بفقدان الثقة بالكنيسة وانشقاقها. وقد جد الشعب
المؤمن نفسه محتاجاً إلى الإثباتات والبراهين الحسية لمعتقداته الدينية
وخاصة فيما يتعلق بمفهومه حول وجود الله. وهنا بدأ البحث بنظرية توما. توما
هو أحد رسل المسيح الذي لم يصدق بأن المسيح قد قام من بين الأموات إلى أن
تحسس بأصبعه الجروح السيد المسيح التي حدثت من جراء الصلب.
إن هذه النظرية التي تبدأ
بالتشكيك لحين إثبات الحقيقة قد أطلقت
العصر العلمي الحديث. وقد صنف هذا النوع من التعرف
بالمعرفة الموضوعية. مع بداية المعرفة الموضوعية أصبحنا تواجه نوعان من
المعرفة؛ المعرفة الذاتية التي تعتمد على تفتح الوعي الداخلي بغية الوصول
إلى الإدراك الحسي الخارجي، والمعرفة الموضوعية التي تعتمد على المادة
الملموسة بغية الوصول إلى مصدرها. |