الفصل السادس

 

  موقع الإشراق الشبكة العالمية

Home المدخل
Up فوق
إهــداء
تمهيد
الترجمة
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر
الفصل الثامن عشر
كلمة الختام

 

اشترك في مجلة الإشراق

انتساب
إلغاء الانتساب

صمم هذا الموقع

 

   

سيطرة الذات

 

قال الرب المبارك:

1

إن من يؤدي العمل المتوجّب فعله، دون التعلّق بثمار العمل، هو سنياسي[1] وهو يوغي[2]. إنه ليس الذي لا يستعمل النار وليس الذي لا يقوم بالعمل.

 

إن من يدعونه سنياسي هو أيضاً يوغي، لن يستطيع أحداً أن يكون يوغي إلا إذا استغنى عن الرغبات.

2

العمل هو طريق الوصول إلى أعلى مراتب اليوغا؛ ولكن الرجل الذي وصل إلى أعلى مراتب اليوغا، له وحده، يصبح السكون هو الطريق.

3

فقط عندما لا يتمسّك الإنسان بمدركات الحواس ولا بالعمل، وعندما يستغني عن كل الرغبات، يكون قد وصل إلى أعلى مراتب اليوغا.

4

لذلك انهض! وبمساعدة ذاتك بذاتك، لا تحقّر ذاتك. إن الذات وحدها صديقة الذات وهي وحدها عدوة الذات.

5

إن من تغلّب على ذاته بالذات وحدها، يكون صديقاً لذاته، ولكن من لم يتغلب عليها سيتصرف بعدائية مثل العدو.

6

إن من تغلّب على ذاته هو في سلامٍ عميق، وتكون ذاته الكلّية ثابتةٌ في البرد والحر في المتعة والألم وفي المجد والذل.

7

إن اليوغي المتوحد هو الفَرِح بالمعرفة والاختبار، ثابت لا يهتز، سيّد حواسه، بالنسبة له التراب والأحجار والذهب كلها على حدّ سواء.

8

متفوق مَن ينظر بالتساوي إلى المؤيّدين والأصدقاء والأعداء، إلى المتجرد أو غير المبالي وإلى الذين يكرهونه وإلى أقربائه، وإلى القديسين وإلى الخطاة.

9

ليتابع اليوغي ممارسة جمع ذاته[3] منفرداً في عزلته. متغلباً على نزوات العقل والجسم، لا يتوقع شيئاً، ولا يتمنى شيئاً.

10

ليجلس مستريحاً في مكانٍ نقيّ نظيف، غير مرتفع وغير منخفض، واضعاً العشب المقدّس وجلد غزال وثوب قماش الواحد فوق الأخر.

11

جالسٌ على ذلك المقعد، موجّهاً عقله في اتجاه واحد، ومتحكّماً بحواسه وأفكاره، دعه يمارس اليوغا من أجل تنقية الذات.

12

ثابتٌ، ومستقيم الجسم والعنق والرأس، موجّهٌ نظره الداخلي أمام أنفه، دون أن ينظر في أي اتجاه.

13

محافظٌ على السلام العميق في ذاته، ومتحرّرٌ من الخوف، وقويٌ في نذْر الطهارة، ومتغلبٌ على نزوات العقل، ومتخل عن أفكاره من أجلي، دعه يجلس متوحّداً ومدركاً لي كالأسمى التجاوزي. 

14

 مجمِّع ذاته دوماً، وسيّد لعقله، يصل إلى سلام النرفانا، التحرّر الأبدي، السلام الأسمى المقيم فيّ.

15

إن اليوغا حقاً هي ليست لمن يأكل كثيراً ولا لمن لا يأكل أبداً، يا أرْجونا، وليست لمن ينام كثيراً ولا لمن يبقى صاحياً.

16

اليوغا هي لمن أعتدل في الأكل والراحة والنوم واليقظة، هذه هي اليوغا التي تُزيل كل حزن.

17

عندما يستقرّ العقل ويتثبّت بالذات وحدها، وعندما يتحرّر من الشهوة واللذة، عندئذٍ يقال إنه متوحّد.

18

إنه مثل نور القنديل المشتعل، ثابتٌ دون تلألؤ في حجاب لا يدخله الريح، هكذا يكون اليوغي المتغلّب على الأفكار في ممارسة التوحّد مع الذات.

19

عندما يستقرّ العقل في سكون ممارسة اليوغا، وبنعمة الذات يرى الذات، بذلك يرى الاكتمال بالذات.

20

وبمعرفة ذلك الذي هو الفرح الأبدي، مدرك إياه من دون الحواس، يستقرّ فيه حقاً دون حراك.

21

من اكتسب ما هو أكثر من أي ربح، يتثبتُ فيه لا يؤثر به أي حزن.

22

لنسمّي حالة عدم التأثر بأي حزن بحالة اليوغا (التوحّد الأسمى)، يجب أن تمارس هذه اليوغا بالتصميم وشجاعة القلب.

23

وبالتخلي، دون أي تحفظ، عن كل الرغبات التي منها تولد إثارة العمل، وبتحكّم العقل وحده بكل الحواس من كل جهة،

24

وبمنطق متحلٍ بالصبر والتصميم، يثبت عقله في الذات، وتستقر أفكاره بالسكون.

25

وكلما يشرد العقل المتقلّب غير الثابت ويخرج عن الذات، عليه أن يعيده دوماً وأبداً إلى الذات وحدها.

26

ينعم اليوغي بالسعادة السامية حتماً، عندما يستقر في السلام العميق، ويهدأ فيه أي حافز للعمل، دون أن يلبسه أي عيب، فيصبح واحداً مع البْرَهْمان.

27

وبجمع ذاته دوماً، يحقّق اليوغي المتحرّر من الخطيئة، وبسهولة، الاتصال بالبْرَهْمان الذي هو غبطة الفرح.

28

إن من ثبتت ذاته باليوغا، وتساوت نظرته في كل مكان، يرى الذات في كل الكائنات وكل الكائنات في الذات.

29

وعندما يراني في الكل ويرى الكل فيّ، لن أغيب عنه ولن يغيب عني.

30

إن من هو في أحادية الحب، يحبني في كل ما يرى، كيفما يعيش وأينما يعيش، فهو يعيش حقاً فيّ.

31

من ينظر بالتساوي إلى كل ما هو ممتع أو مؤلم بالمقارنة مع الذات، يكون قد وصل إلى أسمى مراتب اليوغا يا أرْجونا.

32

 

 

قال أرْجونا:

33

هذه اليوغا التي تقول إنها التساوي الأحادي، يا سيد كْريشْنا، أنا لا أرى بقائها الثابت بسبب تأرجح العقل.

 

لأن العقل متأرجح ومضّطرب وقوي وغير مطاوع، أعتبر أنه من الصعب السيطرة عليه مثل الرياح.

34

قال الرب المبارك:

35

لا شك إن العقل هو متأرجح وغير مطاوع. ولكن بانتظام الممارسة، والتحرّر من التعلّق يتمكّن العقل حقاً أن يلزم السكون.

 

إن اليوغا هي صعبة المنال لمن هو غير متمرّن ولكن يمكن للمتمرّن الذي يسعى، أن يكتسبها بالوسائل الصحيحة.

36

قال أرْجونا:

37

إلى أين يصل الإنسان، يا سيد كْريشْنا، إذا سعى ولم يصل إلى نهاية اليوغا، دون أن يتثبّت عقله كلياً باليوغا، بالرغم من اقتناعه بها؟

 

مضلّل في الطريق إلى البْرَهْمان، دون موطئ قدم بعيداً عن كِلا الطرفين[4] هل يتلاشى مثل الغيم المبعثر في السماء؟

38

كن نوراً لي في الظلمة يا سيد كْريشْنا، كن لي النور. من يستطيع غيرك أن يبدّد هذا الشك؟

39

قال الرب المبارك:

40

لن يكون له فناء في هذا العالم ولا في العالم الذي يليه، من كان مستقيماً في الحياة، يا صاحبي، لن يواجه في طريقه الحظ السيّئ.

 

سيقيم لسنين لا تعدّ في جنة فاعلي الخير؛ ومن ثم يعود هذا الإنسان الذي فشل في الوصول إلى نهاية اليوغا ويولد، في بيتٍ طاهرٍ وخيّرٍ وعظيم.

41

أو ربما قد يولد في عائلةٍ يوغيةٍ حيث تشع معرفة اليوغا، ولكن مثل هذه الولادة على الأرض هي صعبة المنال.

42

ويعود ويستعيد مستوى التوحّد الذي وصل إليه في حياته السابقة، ويتابع دوماً المجاهدة من أجل الاكتمال.

43

وبسبب ما قام به من ممارسة في الحياة السابقة، يكون مندفعاً دون مقاومة. حتى الطَموح للفيدا يتجاوز الفيدا[5].

44

أما اليوغي الذي يكافح بحماس، يصبح طاهراً من أي خطيئة ويكتمل من خلال عدة ولادات[6]، وبذلك يصل إلى الهدف الأسمى التجاوزي.

45

اليوغي هو أرقى من المتقشّف، وأرقى من رجال الحكمة، وأرقى من رجال العمل، لذلك كن يوغياً يا أرْجونا.

46

ومن بين كل اليوغيين، إن أكثرهم توحداً بي من يُبجّلني بإيمان[7]، ومن تكون ذاته الكلّية مستغرقة فيّ.

47


[1] السنياسي هو ناسك يعيش حياة الزهد والتقشف يأكل من الطبيعة ومن العطايا فهو لا يحضّر الأكل ولا يستعمل النار طوال حياته.

[2] اليوغي هو الذي توحد عقله بالذات.

[3] جمع ذاته تعني جمع كافة مستوياته، الحواس والعقل وغيرها، في نقطة واحدة، وهذا ما يمكن الوصول إليه من خلال التأمل عند تجاوز الأفكار.

[4] الطرفان هما الجهل والإشراق

[5] هذا يعني تجاوز كافة المستويات النسبية والتثبت بالوعي التجاوزي

[6] الولادات الروحية التي تُكتسب في اختبار الوعي التجاوزي.

[7] تبجيل الله بإيمان تعني حالة التوحد الكلي الذي بها تدرك الحواس كل ما حولها كتعبير لله الكل بالكل و المقصود بذلك الإنسان المتوحّد كلياً بالله والعامل في العالم المادي.

 

 

حقوق الترجمة محفوظة

لا يمكن نسخ أو طباعة هذه الترجمة العربية، جزئياً أو كلياً، لغرض الاستعمال التجاري، إلا بإذن خطي من المترجم

Back السابق Home المدخل Up فوق Next التالي